السؤال:
هذه رسالة وردتنا من أحد السادة المستمعين من الجمهورية العربية اليمنية السر أحمد إبراهيم السوداني، وهو يعتب علينا لأننا لم نجب عن رسائله، بينما أننا قد أجبنا من مدة وجيزة جداً عن ثلاث رسائل. يقول بعد الثناء على البرنامج والمجيبين فيه والسؤال لهم بطول العمر: ما حكم الدجاج المثلج الذي نستورده من أوروبا مع تطور أساليب الذبح التي دخلت فيها الكهرباء وغيرها من الأساليب؟
الجواب:
الشيخ: هذا السؤال كثير الوقوع من داخل المملكة ومن خارج المملكة، ولكن يجب أن نعرف أموراً: الأمر الأول أنه يشترط للذبح شروط منها أهلية الذابح بأن يكون مسلماً أو كتابياً وهو اليهودي والنصراني، فذبائح غير هؤلاء الأصناف الثلاثة -وهم المسلمون واليهود والنصارى- من الوثنين والمشركين لا تحل لمفهوم قوله تعالى: ﴿اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم ﴾. ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل من الشاة التي أهديت له في خيبر أهدتها له امرأة يهودية، وأجاب يهودياً في المدينة؛ أجاب دعوته فقدم له خبزاً من شعير وإهالة سنخة؛ والأهالة السنخة هي الشحم المتغير. وثانياً يشترط في الذبح ذكر اسم الله عليه بأن يقول الذابح بسم الله، ومن ترك التسمية على ذبيحة فذبيحته حرام لقوله تعالى: ﴿ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه﴾ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل». والشرط الثالث قطع ما يجب قطعه في الذبح؛ وهو الودجان؛ أي: العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم؛ لأن بقطعهما إنهار الدم. واختلف العلماء في وجوب قطع الحلقوم والمريء، وجوب قطع الودجين، والذي يظهر لي وجوب قطع الودجين لقول النبي صلى الله عليه وسلم «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل». ولا إنهار لدم إلا بقطع الودجين. هذه من شروط الزكاة، فإذا جاءنا لحم من شخص هو أهل للذكاة -مسلم أو يهودي أو نصراني- فإننا لنا أن نأكل منه ولا نسأل كيف ذبح ولا هل سمى أو لم يسم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل من ذبائح اليهود ولم يسألهم كيف ذبحوا ولا هل سموا أم لم يسموا، بل في صحيح البخاري من حديث عائشة أن قوماً قالوا: يا رسول الله، إن قوماً يأتونا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ قال: «سموا أنتم وكلوا» يعني سموا على الأكل وكلوا. قالت: وكانوا حديث عهد بكفر. فهنا يشير النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحكم إلى أنه لا ينبغي للإنسان أن يسأل إذا قدر الفعل أهله أن يسأل كيف وعلى أي وجه. وعلى هذا فإذا جاءنا لحم من ذبائح أهل الكتاب اليهود والنصارى فإن لنا أن نأكله ولا نسأل كيف ذبح، ولا هل سمي عليه أم لا، بل السؤال عنه خلاف السنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسأل، وما دام الله أباحه لنا على الإطلاق في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم أكله بدون سؤال فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. ولكن إذا ثبت لنا أن هذه الدجاجة المعينة أو الذبيحة المعينة من هذا الدجاج إذا ثبت لنا أن هذا الشيء المعين ذبح بدون إنهار الدم بالخنق أو بالصعق بالكهرباء أو بغير ذلك فإنه حينئذٍ حرام لقوله تعالى: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم﴾. فإذا علمنا أن هذه الذبيحة المعينة ذبحت بدون إنهار الدم فهي حرام. وما دمنا لم نعلم، وهي قد ذبحها أهل الكتاب فإن الأصل الحِل، ولا ينبغي لنا أيضاً أن نسأل. ولكن كثر القول والقيل في هذه المسألة بأنهم يذبحون بالصعق بالكهرباء بدون إنهار الدم. ومن أجل هذا القول والخوض الكثير أرى الورع ترك الأكل منها، وأن الإنسان لو أكل فلا حرج عليه. لكن ترك المتروك فيه من الأمور التي ينبغي أن يسلكها المرء ما دام الحلال بيناً ظاهراً. ثم إنه ينبغي أن نعلم أن صعقها بالكهرباء أو ضربها بالفأس على رأسها أو ما أشبه ذلك ثم أنهروا الدم وذكوها تذكية شرعية بعد ذلك فإنها تكون حلالاً لقوله تعالى: ﴿المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم﴾ فما أصابه سبب الموت من خنق أو كف رأس أو غيره إذا أُدركت حياته وذُكي صار حلالاً.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية